لا أحد يجادل في أهمية محطة التقويم داخل مسار العملية التعليمية التعلمية؛ فلو سألت الأساتذة عن أصعب مرحلة داخل الممارسة التدريسية لكان جواب معظمهم، إنها مرحلة التقويم. وبالرغم من هذه الأهمية، فنادرا ما تعطى الأولوية لهذا المكون، سواء في مراكز التكوين أو في اللقاءات التربوية، ولعل أثر ذلك يبرز في اختلاف تمثلات المنفذين لمفهوم التقويم ، ووظائفه وأنواعه ، حيث تتعدد المرجعيات وتنشعب الممارسات...
لقد ارتبطت صيغ التقويم المتداولة بالامتحانات الدورية والنهائية ، فانغلق التقويم في بعده الجزائي ، وضعفت بالتالي أبعاده التربوية ؛ وهو ما يبرر ردود أفعال المتعلمين وأوليائهم تجاه نتائج الامتحانات ، والشك ـ أحيانا ـ في مصداقيتها... في حين يرتبط مفهوم تقويم التعلمات ـ باعتباره نشاطا مندمجا في سيرورة التعليم والتعلم ببيداغوجيا الإدماج، انسجاما مع مبدأ الانتقال من التعليم إلى التعلم، وما يشترطه هذا الانتقال من التركيز على تقويم مدى قدرة المتعلم على إنجاز عمل يقوم فيه بإدماج مجموعة من القدرات والمهارات...
![]() |
التقويم التربوي وإجراءاته التطبيقية |
وبهذا المعنى يمتد هذا المفهوم ليشمل مختلف أشكال الممارسة التقويمية التي ينجزها الأساتذة ، سواء ارتبطت بصيغ تقويم التحصيل التي تتجه إلى تقويم مستويات تمكن المتعلمين من الأهداف المحددة في منهاج تعليمي معين والتي قد تأخذ شكل إنجازات آنية، تتحقق في مدة تقصر أو تطول، أو ارتبطت تلك الصيغ بتقويم الكفايات، التي يتجاوز أثرها الحياة التعليمية للتلاميذ إلى حياتهم الاجتماعية ... وإن النظر إلى مفهوم تقويم التعلمات بهذه الدلالة المتسعة ، يسمح باستيعاب مختلف أنماط التقويم المتداولة في هذه الوثيقة.
وإذا كان التقويم المحك الأساس الذي يختبر فعالية منظومة تربوية ، لأنه يرصد مردوديتها من خلال مكتسبات المتعلمين ونتائجهم ، فإن مدخل ضبط إجراءاته يقوم على تمكين المدرسين من رؤية منسجمة تستند إلى قاعدة مشتركة تتقاطع فيها المفاهيم النظرية والممارسات التطبيقية .
تأسيسا على ما سبق نقترح الأسئلة الآتية، لتكون موجهات أولية للتداول في هذا
الموضوع ومناقشة
قضاياه:
- ـ كيف يمكن للأستاذ محاصرة هذا الركام من المفاهيم والتعريفات والإجراءات ، وبلورتها داخل الممارسة التدريسية ؟
- ـ ما حدود الكفاية التقويمية للممارسات المعتمدة حاليا ،؟ وهل تستند هذه الممارسات إلى تصور واضح للعلاقة بين التقويم والأهداف / الكفايات ، وواقع الإنجاز ؟ وما هي درجة التلاؤم بين هذه المكونات ؟
- ـ كيف يمكن إعداد الاختبار الذي تتحقق فيه مواصفات الاختبار الجيد ؟ وكيف نختار الأداة المناسبة لتقويم كل هدف أو كفاية ؟
- ـ كيف نحدد معامل صعوبة السؤال أو سهولته ؟
- ـ ما الطريقة السليمة لتصحيح أوراق المتعلمين ، وما وظيفة دليل التصحيح المرتبط بتقويم الأسئلة الإنشائية / المقالية؟
قد تتناسل من هذه الأسئلة أسئلة أخرى تسائل الثوابت والمتغيرات المتحكمة في
ممارسات المنفذين ؛ وليس الهدف تقديم الأجوبة الجاهزة لإشكالات التقويم التي تعز
على الحصر ، ولكن الهدف المركزي هو تبادل الخبرات والتجارب للانتهاء إلى صيغ
تقويمية تضمن تكافؤ الفرص الاختبارية بين المتعلمين ...
مفهــــوم التــقــويـــم
تجدر الإشارة إلى صعوبة استقرار مفهوم التقويم على تعريف نهائي جامع و مانع، ولذلك يمكن الاكتفاء باستعراض مجموعة من التعاريف ، تركب فيما بينها لاستخلاص تعريف يتضمن مختلف السمات المرتبطة بفعل التقويم ؛ وفي هذا السياق نستعرض التعاريف الآتية :
أ ـ يشير Ronald LEGENDRE في
معجمه L éducation Dictionnaire actuel de
-1988 إلى أن المعنى العام للتقويم هو( إصدار حكم
كيفي أو كمي على قيمة شخص أو موضوع أو سيرورة أو وضعية ،وذلك بمقارنة الخصائص
الملاحظة مع قواعد معروفة ، وانطلاقا من معايير واضحة ، بهدف توفير معطيات صالحة
لاتخاذ قرار حول المسار المعتمد لبلوغ غاية أو هدف.. وأما المعنى (الدوسيمولوجي )
فيعني تقدير القيمة الكلية لنظام تكوين أو لدرس ..
ب ـ ويعرف G .DELANDSHER، التقويم بأنه "تقدير بواسطة نقطة " وبتحديد أدق
يمكن تعريفه بأنه سيرورة منتظمة تستهدف تحديد النطاق الذي تحققت فيه الأهداف
التربوية من قبل المتعلمين " Dictionnaire de l évaluation et de la recherche en
éducation -1979
ج ـ يرى الدكتور محمد عبد العزيز عيد أن التقويم " عملية الوصف الدقيق للحصول على
المعلومات المفيدة للحكم على بدائل القرار " ويعرف أيضا بأنه "تحديد
مدى التطابق فيما بين الأداء والأهداف " ( محاضرات في التقويم التربوي) ، ص10
،1983...
د ـ ويذهب الدكتور أحمد عودة إلى أن تعريفات التقويم تعددت تبعا لنماذج التقويم
وأغراضه ، ويبقى القاسم المشترك بين هذه التعريفات هو أن " التقويم عملية منظمة
لجمع وتحليل المعلومات بغرض تحديد درجة تحقيق الأهداف التربوية ، واتخاذ القرارات
بشأنها لمعالجة جوانب الضعف ، وتوفير النمو السليم المتكامل من خلال إعادة تنظيم
البيئة التربوية وإثرائها " ( القياس والتقويم في العملية التدريسية ) ص25 ،
1998
هـ ـ يستنتج الأستاذ مادي لحسن ، بعد عرض مجموعة من التعاريف الخاصة بمفهوم
التقويم أن الهدف من التقويم ( هو اتخاذ قرارات ملائمة وصحيحة ومضبوطة في
حق المتعلم ، وذلك في أوقات مناسبة ولوظائف مختلفة ) (التقييم الدراسي ، أنواعه
وتطبيقاته نص 22/ 1991 )
وـ ويعرف الدكتور محمد فاتيحي التقويم بأنه ( إعطاء قيمة للسلوكات والأشياء ، وهو
أيضا إصدار حكم معنوي ونوعي بخصوص الأفراد والأشياء ، وفي مجال التربية
يكون تقويم الأفراد بناء على نتائج القياس..) ( مناهج القياس وأساليب
التقويم ، ص 14، 1995 )
زـ ويشير الأستاذان ميلود حبادو ، ومحمد فتوحي إلى أن التقويم ( عملية فحص منظم
وهادف لتقويم مدى بلوغ المتعلمين للأهداف المرجوة وتقويم مدىفعالية عناصر المنهاج
التعليمي، وذلك بواسطة أدوات قياس مناسبة قصد اتخاذ قرارات ملائمة )
(مقومات التقويم التربوي الحديث الملحق التربوي لجريدة الاتحاد الاشتراكي 23 /10
/1992)
حـ ـ ينتهي Y.ABERNOT، بعد استعراض دلالة فعل قوم evaluer والحديث عن
إشكالية التقويم وتعدد تعريفاته ، وتوزعه بين التقريبية والدقة إلى اقتراح
تعريف يرى (أن التقويم يقوم ـ بمساعدة مجموعة من المعايير ـ على قياس أو تقدير
مدى تحقق الأهداف ، أو درجة اقتراب منتوج ما من هذه الأهداف ، استنادا إلى قاعدة
معينة .. )les methodes d évaluation scolaire . p10 . 1988
طـ ـ ويعرف J.M DE KETEL التقويم بأنه ( اختبار درجة التــلاؤم بين مجموعة من المعلومات ومجموعة من المعايير الملائمة لهدف محدد، قصد اتخاذ قرار ما ..
وظائف التقويم وأنواعه
تتعدد وظائف التقويم تبعا لغايات وأهداف المنهاج التعليمي . ويمكن الوقوف بشكل
عام ـ عند وظيفتين اثنتين :
أ ـ وظيفة اجتماعية ، تتحدد في :
ما يوفره
التقويم من معطيات لانتقاء الأفراد بحسب كفاءاتهم، مما يسمح لهم بشرعية الارتقاء
الاجتماعي .
ما تمنحه نتائج التقويم من شهادات تعترف لحامليها باكتساب
المؤهلات والقدرات التي
تمكنهم من ولوج الوظائف الإدارية أو المهنية
، وفقا لذلك التعاقد الضمني داخل المجتمع ، والذي يقوم على احترام قانون التفاضل
بين الأفراد تبعا للكفاءة المعرفية أو المهنية لكل واحد منهم ...
ب ـ وظيفة تربوية تأخذ مظهرين اثنين :
يتجسد الأول في الدور الأساس
الذي يمارسه التقويم ، لتطوير المنظومة التربوية ، باعتباره يكشف الواقع الفعلي
لمكتسبات المتعلمين ، ويمكن القائمين على الفعل التربوي بالمعطيات التي تساعدهم
على مراجعة المناهج وتعديلها ...
يرتبط المظهر الثاني بالأول من حيث العلاقة
المباشرة بين التقويم ومكونات العملية التعليمية ، وذلك من خلال ما يوفره التقويم
للمدرسين من إمكانية تعرف المسار الذي يسلكه تحقق الأهداف أو الكفايات المستهدفة
، ومساعدتهم على تطوير ممارساتهم التدريسية ؛ وفي موازاة مع ذلك يسمح للمتعلمين
بمعرفة مسار تعلمهم واستدراك تعثراتهم ... وتبرز هذه العلاقة بشكل جلي فيما يبيحه
التقويم من مشروعية الحكم على المتعلمين، واتخاذ القرارات المرتبطة بنجاحهم أو
رسوبهم ..
إذا كانت العملية التعليمية التعلمية صيرورة متطورة ، تتدرج عبر أنشطة تعليمية تنجز في حصة واحدة ، لتمتد إلى دورة أو سنة دراسية ، فإن التقويم مكون أساس داخل هذه الصيرورة ، باعتباره مصاحبا لجميع مراحلها ؛ وتتجسد هذه المصاحبة عبر أنواع للتقويم ، تختلف باختلاف الأهداف المحددة لكل مرحلة .. ويغلب في الخطاب التربوي المرتبط بالتقويم تداول ثلاثة أنواع أساسية هي :
التقويم التشخيصي
يتحدد مفهوم هذا النوع في كونه ( إجراء نقوم به في مستهل عملية التدريس من أجل
الحصول على بيانات ومعلومات عن قدرات ومعارف التلاميذ السابقة والضرورية
لتحقيق أهداف الدرس ) معجم علوم التربية ، الفاربي وآخرون
ويعرفه معجم LE
GENDRE بأنه (نموذج للتقويم، يستهدف تقدير السمات الفردية لشخص ما ، والتي
تؤثر سلبا أو إيجابا على مساره التعليمي )
وتنحصر وظيفته في تمكين المدرس
من معطيات تسمح له بتعرف المكتسبات الحقيقية للمتعلم لاستثمارها في المسار
التعليمي المقبل ؛ وقد تمتد هذه الوظيفة إلى التلميذ ، حيث يتمكن من اختبار مدى
تحكمه في مكتسباته السابقة ، واستدراك ما ينقصه من مهارات ومعارف تؤهله لاكتساب
أهداف المرحلة اللاحقة ...
التقويم التكويني :
تبرز أهمية هذا النوع في مواكبته للعملية التعليمية أثناء الإنجاز الصفي ، إذ
يضبط الصعوبات التي تعترض المتعلم خلال الإنجاز، ويسمح للمدرس بتعديل أنشطته
التعليمية لتذليل تلك الصعوبات ..ولذلك يعرفه LE GENDRE في معجمه بأنه ذو
وظيفة تشخيصية ، لأنه يمد
المدرس بمعلومات مرتبطة بمدى اكتساب المتعلم للأهداف المحددة
من أجل تعزيزها ، ورصد الصعوبات قصد تجاوزها . ويمكن حصر وظيفته الأساس في إخبار
المدرس والتلميذ بدرجة تحكمهما في تعليم معين ، وكشف صعوبات التعلم ووسائل
تجاوزها . (معجم علوم التربية)
التـقويم الإجمـالي :
يشكل هذا النوع محطة مهمة في المسار التعليمي للتلاميذ ، إذ يعتمد لمعرفة
مدى تحقق الأهداف / الكفايات المنتظرة لوحدة / وحدات تعليمية قد تشمل دورة
فصلية أو سنة دراسية .ويعرفه le gendre في معجمه التربوي بأنه (نموذج
للتقويم يستند إلى إجراءات اختبارية محكية أحيانا ، ومعيارية أحيانا أخرى ، تنجز
بعد فترة زمنية دراسية ... للحكم على مدى تحقق أهداف البرنامج أوبعض أجزائه ...
كما أنه يوفر المعطيات التي تسمح بالحكم على مكتسبات المتعلم والإقرار بكفاءته
...)
ويلتقي هذا التعريف مع ما يشير إليه الدكتور محمد عيد ، عندما يرى أن هذا النوع ( يستخدم لإعطاء التقديرات أو التقرير لأولياء الأمور ، أو إعطاء الشهادات للتلاميذ في نهاية وحدات التدريس الكبيرة نسبيا ).
ويرى الأستاذ مادي لحسن أنه سمي بالتقويم الإجمالي ( لأنه يستعمل لتقييم
كفاءة عامة وذلك بعد الانتهاء من الدرس أو سلسلة من الدروس ... ويستعمل لمعرفة
المظهر الدراسي العام للتلميذ بعد تعرضه لسلسة من الدروس ... ولذلك لايجب أن
يتوجه إلى جانب واحد مما تعلمه التلميذ ... )
يلاحظ أن هذه التعريفات تلتقي
عند دلالة مركزية ، ترتبط بإجراء هذا التقويم عند نهاية مرحلة تعليمية ، لاختبار
درجة تمكن المتعلم من المهارات والمعارف التي اكتسبها ، ولذلك تنحصر وظيفته
في الـتـــأكــد من مدى تحقق مستوى محدد .وتشكل امتحانات البكالوريا
نموذجا لهذا النوع ...
وتأخذ هذه الأنواع من
التقويم جملة إجراءات تقويمية تنتظمها أساليب متنوعة يمكن حصرها في فروض المراقبة
المستمرة ، والامتحانات الدورية والنهائية .
المراقبة المستمرة :
المراقبة المستمرة إجراء بيداغوجي منظم، له مكانته المتميزة ضمن عناصر
العملية التعليمية؛ حيث يسمح بتتبع أعمال التلاميذ الدراسية في مختلف جوانب
التكوين: المعرفية والمهارية والسلوكية، وبتقويم أدائهم ورصد نتائجهم واستدراك
نقط الضعف لديهم وتقويمها. كما أن المراقبة المستمرة تمكن المدرس من الحصول على
معلومات حول فعالية الأدوات والعمليات التعليمية الموظفة، مما يساعده على مراجعة
أساليبه وطرقه في التدريس ( المذكرة 145).
إن المراقبة المستمرة أنشطة
تعتمد على الملاحظة والتحليل للتأكد من مدى مطابقة العمليات المنجزة مع التوقعات
المخططة، وذلك لتعديل سير أو فحوى العمليات وتصحيحها( معجم علوم التربية).وهي
تقوم على أسلوبين متكاملين:
أ. التقويم التتبعي لأنشطة التلاميذ، وهو الإجراء الذي يسمح بتتبع أعمال التلاميذ بكيفية دائمة، من خلال استثمار أنشطة عديدة ومتنوعة( حفظ النصوص واستظهارها وإعداد الدروس وتهييئ الواجبات والمشاركة في الأنشطة الصفية، وإنجاز مختلف التمارين والتطبيقات والأنشطة المتصلة بالإنتاج الكتابي بشكل عام، وبمهارات التعبير والإنشاء المدروسة.....).
ب. الفروض الكتابية المحروسة: وهي فروض تقويمية شاملة تتوج العمليات التقويمية التي ينجزها الأستاذ مع تلاميذه في إطار أنشطة التقويم التتبعي.
تتكون هذه الفروض من وضعيات اختبارية تستهدف تقويم مكتسبات المتعلمين
المعرفية والمنهجية والمهارية في مختلف مكونات المادة، ومعرفة مدى تقدمهم في
الدروس، ورصد جوانب التعثر لديهم والحصول على تغذية راجعة لتقويم التعلمات.
ويتم
بناء هذه الفروض وفق ضوابط محددة نذكر منها:
- ضرورة بناء هذه الفروض تبعا لما تعرفه المقررات الدراسية من استحضار تدرج وتمايزالمقررات الدراسية بين المستويات.
- احترام شروط وضع الأسئلة واختيار النصوص، بحيث تكون الأسئلة واضحة ودقيقة في صياغتها لتناسب مستوى المتعلمين والمدة الزمنية المخصصة للإنجاز.
- تحديد معايير التصحيح تحديدا واضحا، وإعداد بطاقة لتصحيح كل فرض، من أجل استثمار النتائج في علاج مواطن النقص لدى المتعلمين في الحصص المخصصة للدعم والتثبيت.
إن الفروض الكتابية المحروسة، باعتبارطابعها التكويني، تسمح بإخبار المدرس والتلميذ معا بدرجة التحكم المحصل عليها، وباكتشاف مواطن الصعوبة التي يصادفها التلاميذ خلال تعلمهم، وبالكشف عن استراتيجيات تمكن من التحسين والتطوير، لتجاوز تلك الصعوبات (مرشدي، دليل الأستاذ/ س 3). وبناء عليه فإنه ينبغي الحرص على عدم التعامل مع الفروض الكتابية المحروسة تعاملا صوريا والانتباه إلى عدم اختزال المراقبة المستمرة في شكل وحيد وواحد، هو الفرض المحروس، لأن ذلك يصادر دورها التكويني.
لقد اختلف الدارسون حول هوية المراقبة المستمرة، أهي تقويم إجمالي أم تقويم
تكويني ؟ ودفعا لكل جدل يمكن الاحتكام إلى الهدف من وراء اعتماد المراقبة
المستمرة إجراء تقويميا ، مع استحضار إمكانات التقاطع بين التكويني والإجمالي .
وينبغي في هذا السياق التذكير بأن وظيفة المراقبة المستمرة، هي التخفيف من
اعتباطية التقويم الإجمالي الذي قد تحضر فيه الصدفة عند اختبار المعلومات موضوع
التقويم.
فبالرغم من القول إن التلميذ يمتحن في مقرر السنة ، فإن تركيز
الأسئلة على دروس محددة يترك هامش الحظ مفتوحا على احتمالات يراهن عليها التلاميذ
أثناء إعداد الامتحانات ، لذلك تسعى المراقبة المستمرة إلى رصد
المكتسبات في صيغتها الجزئية لتوفير تراكم أولي يترجم درجة تحقق الأهداف /
الكفايت المستهدفة ؛ وقد يطرح سؤال مصداقية المعدل المحصل من جمع نقط المراقبة
المستمرة ( إذا افترضنا أن تلميذا حصل على معدل 10/20 بجمع النقطتين 14/20 +
06/20 ، فهل يدل معدل 10 على المكتسب الحقيقي الذي نطمئن إليه للحكم على مستوى
هذا التلميذ ؟
الامتحانات الدورية والنهائية( الموحدة إقليميا أو جهويا أو وطنيا) :
تشكل الامتحانات الدورية والنهائية الصيغة الإجرائية للتقويم الإجمالي ؛ حيث يتم اختبار نتائج التعلم المحصل عليها من طرف التلاميذ واتخاذ قرارات دقيقة للحكم على هذه النتائج، وغالبا ما تأخذ هذه الامتحانات شكل فروض أو سلسة من الفروض تقدم لمترشح بهدف تقويم تعلمه قصد جزائه (معجم علوم التربية ). وتنظم هذه الامتحانات الموحدة وفق معايير ومواصفات محددة ومضبوطة في المذكرات التنظيمية الخاصة بكل مادة وفي الأ طر المرجعية لمواضيع الامتحانات الموحدة جهويا أو وطنيا.وتستند هذه الامتحانات إلى أدوات للتقويم تختلف تبعا للأهداف أو الكفايات المنتظر تقويمها ؛ فإذا كانت أسئلة الاختيار المتعدد تصلح للإجابات المغلقة مثلا، فإن الأجوبة المرتبطة بالإنتاج أو الإبداع تقتضي أسئلة مفتوحة...
ويرتبط باختيار أدوات التقويم التمييز بين ما يمكن قياسه، وما يمكن
استحسانه ؛ فإذا كان الهدف اختبار المعرفة أو الفهم أو التطبيق، فالمنتظر أن تكون
الإجابات محددة وواضحة، بحيث لا يختلف المصححون في صوابها أو خطأها ؛ أما إذا كان
الهدف اختبار التحليل أو التركيب والتقويم، فينبغي أن تكون الأدوات المعتمدة
مفتوحة، لأن المنتوج المقوم تبرز فيه المساهمة الذاتية للمتعلم، ولذلك يحضر
انطباع الاستحسان عند التقويم.
وغالبا ما نلجأ في تقويم اختبارات الهدف الأول إلى استحضار معيار محدد ( اختبارات تطبيق القواعد أو الشكل مثلا ) ونعتمد في الهدف الثاني استدعاء النموذج المرجعي ... وفي هذا السياق تطرح مسألة الموضوعية والذاتية في التقويم ، وبالتالي إشكالية الاطمئنان إلى مصداقية الامتحان .. ولضبط هذه المصداقية يتم الاستناد إلى بعض المعايير / الإجراءات للتحكم فيها ،من قبيل مفهوم الصلاحية، ومفهوم الثبات. وفي هذا السياق يعتبر ذ محمد فتوحي أنه ينبغي أن تتوفر في هذا النوع من الامتحانات الصفات الآتية:
- أن يكون صادقا أو صالحا( الصلاحية):والصلاحية تعني حصول التوافق بين وسيلة القياس وبين مانريد قياسه فعلا؛ بمعنى ملاءمة الأسئلة للأهداف التعليمية.
- أن يكون أمينا، تتوفر فيه صفات الثبات والموضوعية والشمولية. فالأمانة والثبات يعنيان أن طريقة التقويم تمكن من يجب أن يكون في إمكانها إعطاء نتائج منسجمة، يركن إليها، الشيء الذي يضمن اتفاق المصححين على تقدير نفس العلامة لنفس الامتحان. والموضوعية تعني استقلال نتائج الامتحان عن الأحكام الذاتية للمقوم، مما يولد لدى التلاميذ الثقة في طرائق التقويم.
أما الشمولية فتعني تمثيل الأسئلة لمعظم المضامين والأهداف التي تم
تلقينها للمتعلمين، وتكون صياغة هذه الأسئلة واضحة ودقيقة، ترشد بسهولة إلى
الأمور التي يراد قياسها.( التقويم ودوره في تحسين الوظيفة التعليمية/ مج
الدراسات النفسية والتربوية – العد الرابع 1984).
3. الأطر المرجعية:
تتحدد
الوظيفة المركزية للأطر المرجعية في محاولة تقريب الفجوة بين الكفايات والأهداف
المحددة لبرنامج معين ، وواقع تنفيذ هذا البرنامج في الممارسات الصفية
وقد
تم الشروع في وضع الأطر المرجعية لمواضيع الامتحانات الموحدة منذ 2006 ضمن سياقات
جديدة ومغايرة لتجارب التقويم السابقة، بهدف ضبط معيار وطني مصرح به، يقوم على
التحديد الدقيق والإجرائي لمعالم التحصيل النموذجي للمتعلمين، للمواد المعنية
بهذه الامتحانات الإشهادية، وبهدف تقنين المتغيرات التي يمكن أن تؤثر سلبا على
الوضعيات الاختبارية، وذلك باستحضارالموجهات الآتية :
- تحسين صلاحية وموثوقية الامتحانات المدرسية من خلال تطوير وتدقيق أدوات ومساطر
- إعداد المواضيع.
- تكييف المواضيع مع المستجدات المتعلقة باعتماد هندسة بيداغوجية جديدة بمناهج تربوية جديدة.
- توحيد المرجعيات بالنسبة لكل المتدخلين والمعنيين.
- توفير موجهات لبناء فروض المراقبة المستمرة واستثمار نتائجها فيما يضمن تحكم المتعلمين في مضامين المناهج الدراسية والكفايات الأساسية المرتبطة بها.
- بلورة أداة منهجية في صيغة أطر مرجعية وطنية تعتمد في بناء مواضيع اختبارات الامتحانات الأشهادية الجهوية والوطنية الخاصة بكل مادة.( المذكرة 157).
- أما معالم التحصيل النموذجي للمتعلمين التي تروم الأطر المرجعية تحديدها وتدقيق إجراءات تصريفها في الوضعيات التقويمية، فتقوم على ما يأتي:
- ضبط المضامين والمحتويات الدراسية المقررة قي المستوى التعليمي المستهدف، مع حصر درجة الأهمية النسبية لكل مجال مضموني داخل المنهاج الرسمي للمادة.
- تعريف الكفايات والمهارات والقدرات المسطرة لهذا المستوى التعليمي، مع تحديد درجة الأهمية لكل مستوى مهاري داخل المنهاج الرسمي للمادة.
- حصر شروط الإنجاز(ضمن أية شروط ينبغي على المترشح أن يظهر تحكمه).
ويستند توظيف الأطر المرجعية إلى اعتماد المعايير الآتية:
التغطية،
بحيث يغطي الامتحان كل المجالات الواردة في الإطار المرجعي الخاص بكل مادة
دراسية. التمثيلية، باعتماد درجة الأهمية المحددة لكل مجال مضموني، ولكل مستوى
مهاري في بناء موضوع الامتحان، وذلك لضمان تمثيلية هذا الأخير للمنهاج الرسمي
المقرر.
المطابقة، وتعني مطابقة الوضعيات الاختبارية للمحددات والعناصر
الواردة في الإطار المرجعي(المضامين والمحتويات/ الكفايات والمهارات/ شروط
الإنجاز).
يتضح من خلال ما سبق ذكره أن الإطار المرجعي أداة لتأسيس تعاقد بين
كل المعنيين(ممتحن وممتحن)، وأداة عملية لتأطير مواضيع الامتحانات ومساءلتها من
حيث مصداقيتها، كما أنها أداة نا جعة لتوجيه الممارسة التدريسية وتقليص هامش
التأويل.ولذلك، فإنه ينبغي الاستعمال الأنجع لهذه الأداة، والوعي بالحاجة إلى
استعمالها.
تقويم الكفايات:
قبل الحديث عن التقويم في ظل المقاربة البيداغوجية بالكفايات، لا بأس
أن نذكر ببعض الخصائص المميزة لهذه المقاربة، والتي بمقتضاها تتغير الأدوار
والوظائف المرتبطة بالعناصر المشكلة للعملية التعليمية التعلمية، وتتخذ
أبعاداجديدة.
فالمقاربة بالكفايات، كما هو متداول في الأدبيات التي اهتمت
بصياغة عناصر هذه المقاربة وتحديد خصائصها:
- نشاط وظيفي موجه لحل وضعية / مشكلة.
- نشاط يرتكز على الأداء الذي يحقق الفعالية والجودة والابتكار.
- نشاط شمولي ومندمج، يرتبط بمختلف أبعاد شخصية المتعلم، وينفتح على محيطه.
- نشاط يرتبط بمادة التخصص، ينطلق منها ويعمل على تطويرها.
- نشاط يجعل المتعلم مستثمرا للمعرفة ومنتجا لها، بدل اقتصاره على استهلاكها.
- نشاط يقوم فيه المدرس بدور التوجيه والإنصات والتنشيط والتخطيط لدروسه وفق تصاميم تراعي الفروق الفردية للمتعلمين، وتضمن تفاعلهم مع الأنشطة المقترحة عليهم، ومع محتويات التعلم التي تؤهلهم لاكتساب مهارات بأبعاد وظيفية تنفتح على المحيط الخارجي.
- نشاط قابل للتقويم وتحديد درجة التمكن؛ ذلك أن التقويم في ظل هذه المقاربة يستهدف تقويم مدى التمكن من المهارات وليس المعارف، ويكون ذلك في إطار وضعيات مركبة يوظف فيها المتعلم كفاياته المعرفية والمنهجية والتواصلية واللغوية، ويستخدم فيها تعلماته بكيفية مندمجة لحل مشكل مطروح( القدرة على الفعل والتحويل بتجنيد إمكاناته وموارده وإعادة توظيفها في سياق وضعيات جديدة).
فالكيفية التي يستثمربها المتعلم تعلماته ويتصرف بها تجاه حل هذا
المشكل أوذاك، هي المؤشر على تحقق الكفاية؛ ولذلك، فإننا لا يمكن أن نصف متعلما،
في ظل هذه المقاربة، بأنه قد تعلم في أداء جزئي، بل في الكيفية التي سيتصرف بها
تجاه مشكل مركب ؛ فإذا كانت المعايير واضحة وصريحة في التمارين الجزئية، فإن ثمة
صعوبة لإيجاد معايير لتقويم الوضعيات المركبة. إن هذه المعايير تتميز بكونها
كيفية أكثر منها كمية، ولذلك يميل التقويم في المقاربة بالكفايات إلى استخدام
وضعيات مندجة مركبة.
يميز أحد الدارسين( leopold paquay) في تقويم الكفايات، بين مقاربتين:
مقاربة
تحليلية ذات بعد تكويني، يتم الاهتمام فيها برصد الأسباب التي جعلت الكفاية لم
تتحقق، وبنوعية المعارف التي لم يتم التحكم فيها، وبالعمليات التي ينبغي تطوير
أدائها، وبنقط الدعم التي يمكن أن يعتمد عليها المتعلم لتحقيق التقدم
المطلوب.
مقاربة منطلقة من مبدأ الاستقلالية، ذلك أن امتلاك الكفاية وفق هذه المقاربة يعني امتلاك التكيف مع حالات خاصة وغير متوقعة. والقدرة على التكيف مع الوضعيات التي يصادفها المتعلم تتطلب بالضرورة شروط الاستقلالية.
تشكل لحظة التقويم بالكفايات وفق المقاربة التحليلية هي لحظة حوار تكويني وتحفيزي
بامتياز، لأنها تطور أداء المتعلم وتقوي قدرته على التقويم الذاتي، وتأخذ وجهة
نظره وملاحظاته بعين الاعتبار.
إن تقويم القدرات والمهارات والمواقف العامة التي اكتسبها المتعلم بعد قطعه مسارا
تعليميا معينا، يستدعي بل يتطلب التحديد الواضح للمعايير والمواصفات المرجعية
لهذا التقويم، بناء على التحديد القبلي والدقيق لمواصفات الكفايات المستهدفة التي
يسعى المنهاج التعليمي إلى تنميتها لدى المتعلم. ولأن الكفاية كما يقول كزافيي
روجرز/(ROEGIERS- XAVIER) مجموعة مندمجة من القدرات التي تمارس بطريقة
تلقائية ضمن نوعية من الوضعيات، قصد حل المشكلات التي تطرحها تلك الوضعيات، فإن
محددات وضوح امتلاك الكفاية وتقويمها سيكون صعبا.
إن تقويم قدرة المتعلم على فعل ما، وتأسيسا على التعريف السابق لمفهوم الكفاية ،
لايمكن أن يتم إلا في سياق وضعية مندمجة يقوم فيها المتعلم بإنجاز مهمة أو حل
مشكل من المشاكل، ذلك أن الكفاية مفهوم مجرد، وسلوك معقد لا يمكن تقويمه بكيفية
مباشرة، بل ينبغي الاستناد فيه إلى الأنشطة المرتبطة بوضعية ما. وحينئذ يشعر
المتعلم بأهمية ما هو بصدد اكتسابه من كفايات.
إن هذه الوضعية الاندماجية
المركبة التي يفعل فيها المتعلم معارفه ويصرف فيها مهارته ومواقفه، تمكنه من
تقويم مدى تحقق الكفايات المستهدفة عند نهاية وحدة دراسية أو مجزوءة تعليمية أو
بعد قطعه مسارا تعليميا محددا؛ ثم إن بناءالوضعيات التقويمية الاختبارية وفق
المقاربة بالكفايات، ينبغي أن يقوم على استحضار بعض المتطلبات والمبادئ، نذكر
منها:
-
التنويع في أنشطة التقويم؛ إذ لا ينبغي أن يكون التقويم
نمطيا.
- لا ينبغي أن يكون التقويم سريعا، فتحصيل الخبرات والمكتسبات الأساسية لضبط مستوى التلاميذ يتطلب الدقة خلال تخطيط الفروض وبنائها وتصحيحها.
- عدم التركيز في التقويم على المعارف منزوعة من سياقها ومن الوضعيات التدريسية التي أدت إليها، والحرص على الانطلاق من أجواء هذه الوضعيات لاستيحاء أشكال التقويم الممكن اعتمادها في فروض المراقبة المستمرة، لأن ذلك يرسخ الكفايات والمهارات المكتسبة.
- استثمار التقويم في تشخيص الصعوبات الفردية ومعالجتها بمقاربة بيداغوجية فارقية، فالمتعلمون لا يواجهون نفس العوائق.
-
التخلي عن التوظيف الجزائي للتقويم وتشجيع المتعلمين على الرغبة في تقويم
كفاياتهم من خلال الاندماج الطبيعي للتقويم التكويني في الوضعيات /المشكلة.
بناء الأسئلة وإشكالات التصحيح:
تعودنا في منظومتنا التربوية، جرى العرف في إنجازوفي فروض
المراقبة المستمرة والامتحانات على حد سواء، أن تطرح على المتعلم الأسئلة
المفتوحة وحدها ، ثم يطالب بإنجاز مطالبينه بمدنا أجوبة مركبة، معتقدين، بسبب
التقليد، ربما، بأن هذا الصنف من الأسئلة هو القادر وحده على إعطائنا صورة عن
تحصيل المتعلم. غير أن الثابت هو أن الأسئلة المفتوحة ليست دائما مطلوبة ولا
مبررة، خاصة إذا علمنا أن الأهداف التربوية للبرامج الدراسية وللممارسات
التدريسية حاسمة في اختيار صنف السؤال.
وعليه فإنه لا ينبغي أن ننسى أو نتناسى أن المبالغة في توظيف الأسئلة المفتوحة ،من شأنها أن قد تقف حائلا دون أن يقوم الاختبار أو الفرض المحروس المعتمد على هذا الصنف من الأسئلة، بتغطية البرنامج الدراسي المراد اختبار المتعلمين فيه، كليا أو جزئيا. هذا مع العلم أن هذا الصنف من الأسئلة يطرح مجموعة من المشاكل في ما يخص ضمان موضوعية التصحيح.
صحيح أن هناك أهدافا تربوية تحتم اللجوء إلى استعمال الأسئلة المفتوحة
لملاحظة تحصيل المتعلمين بخصوص مهارات أو كفايات معينة، كما هو الحال مثلا
بالنسبة للتعبير الكتابي أو التعبير الشفوي، ولكن لا مسوغ للتوسل بالأسئلة
المفتوحة من أجل التأكد من تحكم المتعلم في مهارات أو معارف بسيطة حين يكون من
الأنسب الاستعانة بالأسئلة الموضوعية أو المغلقة.
وإذا علمنا بأن تصحيح الأسئلة المفتوحة، غالبا، إذا لم نقل دائما، ما يتحكم
فيه مزاج المصحح أو تقديره الشخصي، دون الاستعانة بمعايير كفيلة بضمان القدر
الكافي من الموضوعية، تبين لنا بالملموس أن الامتطاء المبالغ فيه لمركب الأسئلة
المفتوحة في تقويم إنجازات المتعلمين، يحيد بنا عن التقدير الموضوعي لمدى تحصيل
المتعلمين وتحكمهم في المهارات والكفايات التي انصب عليها فعل التعلم.
الأسئلة الموضوعية/المغلقة:
هي نماذج من الأسئلة التي لا تتطلب الإجابة عنها إنجازا مركبا، و يكون
الجواب عنها إما صحيحا كليا أو خاطئا كليا. إلا أنه من الممكن أن نبحث الإجابة عن
هذه الأسئلة بصيغ مختلفة، وتكون النتيجة واحدة. ومن بين الصيغ المستعملة في بناء
الأسئلة ما يأتي:
- - هل تملك سيارة؟
- - هل زوجك (تك) موظف (ة)؟
- - يرفع جمع المثنى بالألف وينصب ويجر بالياء.
- - عدد سكان المغرب أقل من 30 مليونا.
أسئلة الصواب الصحة والخطأ:
يعتبر هذا الصنف من الأسئلة الأكثر ملاءمة لقياس المعارف، بالإضافة إلى
كونه يبدو أقل من غيره تكلفة من حيث البناء والتصحيح. ولربما لهذه الأسباب تتم
الاستعانة به، على الرغم من سلبياته المتمثلة أساسا في ما يأتي:
- - تركيزه في الغالب الأعم على اختبار القدرة على تحصيل المعارف؛
- - إمكانية خلو منطوق السؤال من الإطار العام الذي يتحرك فيه؛
- - إمكانية خلو منطوق السؤال من المعطيات الكافية التي تسمح للمتعلم بتقديم الإجابة بشكل حاسم؛
- - سماحه للمتعلم بتقديم الجواب الصحيح بنسبة 50 بالمئة حتى ولو لم يكن يعرف بأن ذاك هو الجواب الصحيح.
وتجدر الإشارة إلى أن أسئلة الصواب والخطإ ينبغي أن تطرح بخصوص معارف أو مضامين
محددة، بحيث يكون السؤال خاطئا كله أو صحيحا كله، كما ينبغي أن يتفادى واضع
السؤال صيغا أو مؤشرات من شأنها أن تدخل بعض الشك أو التردد لدى المتعلم في
اختيار الإجابة بنعم أو لا.
مثال: إياك نعبد.
تضمنت هذه الجملة أسلوب
التعجب. صحيح خطأ
فالجواب لا
يتطلب سوى وضع علامة على الجواب الصحيح أو كتابة كلمة نعم أو لا (أو نطقهما في
حالة التعبير الشفوي).
أسئلة الاختيار من متعدد:
يعتبر هذا الصنف من الأسئلة أكثر الأسئلة الموضوعية قدرة على قياس أغلب
أصناف التعلمات حتى لو تعلق الأمر بأعلى الصيرورات الذهنية، كما أنه يساهم بشكل
كبير في تقليص احتمالات الإجابات العشوائية التي تتيحها أسئلة الصواب الصحة
والخطإ، ولكنه، بالمقابل، أشد أصناف الأسئلة المغلقة صعوبة من حيث الصياغة.
ولهذين الاعتبارين يتعين صياغة مموهات ذات قدرة استقطابية عالية ليكون
السؤال في مستوى الجودة المطلوبة، وفي حالة ما لم يتمكن واضع السؤال من العثور
على هذه المموهات فلا مندوحة لديه من تغيير صنف السؤال. ومن بين شروط التمويه
الأساسية أن تتناسب المموهات من حيث الطول ودرجة التعقيد.
مثال: نطلب من التلاميذ تحديد الحدث الرئيس في النص من بين أربعة
اختيارات تقدم له، وسيكون جواب واحد من الأجوبة المقترحة هو الصحيح، ولن يتطلب
أكثر من وضع
علامة
عليه أو نقله على ورقة أو قراءته .
أسئلة الوصل:
يتوفر هذا الصنف من الأسئلة على قدرة لا يستهان بها لقياس التعلمات بشكل
موضوعي، ولكن شريطة توفر مجموعة من شروط الصياغة، من بينها:
- - أن تكون التعليمات المرافقة للسؤال على قدر كبير من الوضوح، لأن التجربة أكدت بأن إجابات المتعلمين الخاطئة، أو امتناعهم عن الجواب، لا يكون بسبب عدم تحكمهم في المعرفة، وإنما بسبب غموض تلك التعليمات. وعليه يتعين تبسيط تلك التعليمات لتسهل معها طريقة الإجابة عن السؤال.
- - أن توضع العناصر المشكلة للسؤال على اليمين مسبوقة بأرقام، وأن توضع العناصر التي تشكل الجواب على اليسار مسبوقة بحروف، وأن يكون عدد الأولى أقل من عدد الثانية، وألا يقل عدد الأولى عن ثلاثة.
مثال: صل بسهم بين كل فعل في المجموعة الأولى بما يناسبه في المجموعة
الثانية:
المجموعة
الأولى:
المجموعة الثانية:
1 –
أكل
أ –
أجوف
2 –
كتب
ب - صحيح
3 –
وعى
ج – مهموز
د – لفيف
مفروق
الأسئلة المفتوحة:
وهي الأسئلة التي يتعين على الموجهة إليه تقديم إجابات مركبة، ومن نماذجها
أسئلة التحليل والنقد وأسئلة التعبير والإنشاء، وكل الأسئلة التي لا يمكن أن تخضع
لمنطق الأسئلة الموضوعية، في كل المواد الدراسية.
وعليه فإنه ينبغي يتعين الانتباه إلى بعض المخاطر التي قد تجعلها تحيد عن هدفها
المتمثل أساسا في ملاحظة الصيرورات الذهنية وملاحظتها، ولذلك يجب مراعاة ما
يلي:
- التقليل من عدد الأسئلة المفتوحة لأنها تتطلب حيزا زمنيا للإنجاز، الأمر الذي قد يحول دون توفير حظوظ تمثيلية الاختبار لكل المجالات الدراسية ضمن المقرر أو البرنامج المعني بالاختبار؛
- يشكل بناء وضعيات اختبارية وفق هذا النموذج من الأسئلة صعوبات حقيقية، لأنه ليس من السهل دائما توفير ما يكفي من الوضوح في المطلوب لا من طرف الممتحن ولا من طرف المصحح؛
- غالبا ما تكون ذاتية المصحح هي الموجهة لعملية التصحيح بسبب متغيرات تتعلق بشخصية المصحح وتكوينه التقويمي.
وللحد من ضغوط هذه المخاطر والتخفيف من حدتها ينبغي اتخاذ بعض التدابير الوقائية،
ومن أهمها:
1 – أن يكون المطلوب في الوضعية الاختبارية واضحا بشكل لا يقبل
التأويل؛
2 – أن تكون التعليمات المرافقة للمطلوب أيضا واضحة، بحيث يحدد
مثلا عدد الأسطر أو الكلمات التي ينبغي أن يتضمنها إنتاج الممتحن، خاصة وأن تلك
التعليمات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار أثناء وضع معايير التصحيح؛
3 – أن
تتضمن الوضعية الاختبارية معايير التقويم التي سيعتمدها المصحح في قياس إنتاج
الممتحن؛
4 – أن تتم عملية التصحيح بناء على شبكة توضع قبل الشروع في عملية
التصحيح؛
5 – أن تحدد معايير التقويم بدقة، مع الحرص على تعريف كل معيار
تعريفا إجرائيا، بحيث يتم حصر المؤشرات الدالة على درجة حضوره في إنجاز
الممتحن؛
6 – أن تكون المعايير ملائمة لمنطوق الوضعية الاختبارية، وأن يكون
كل معيار مستقلا عن غيره من المعايير؛
7 – أن يتم بناء سلم لتقدير الجواب
الصحيح بالنظر إلى كل معيار على حده، وبغض النظرعن المعايير الأخرى؛ فإذا كنا
مثلا بصدد تقويم مضمون الإنتاج فلا ينبغي الاهتمام بسلامة اللغة، والعكس صحيح؛
8 – أن تجرب شبكة التصحيح قبل الشروع في عملية التصحيح، وذلك بعرضها على
مجموعة من المصححين، ومقارنة الدرجات الممنوحة من لدن كل واحد منهم مع غيرها، أو
على الأقل تصحيح نفس الأوراق، من طرف نفس المصحح، في أوقات متفرقة بعد إعادة
ترتيبها قبل كل عملية تصحيح جديدة، وذلك من أجل إضفاء مزيد من الموضوعية على
عملية التصحيح الفعلية.
نموذج لسؤال التعبير والإنشاء مع شبكة التصحيح:
يتوفر أحد أصدقائك بالسنة الأولى من سلك البكالوريا - مسلك العلوم على
مؤهلات جيدة للحصول على أعلى النتائج والنجاح في حياته الدراسية، إلا أنه يصر على
عدم الاهتمام بالمواد الدراسية الأدبية، بدعوى أنها لن تفيده في مواصلة مساره
التعليمي.
اكتب فقرة لصديقك هذا تبين له فيها خطأ رأيه، وتقنعه بأهمية الاهتمام
بالمواد الأدبية بالنسبة لتلاميذ المسالك العلمية والتقنية.
التعليمات:
- التزم بعناصر الخطاب الحجاجي؛
- لا تتجاوز أربعة حجج لإقناع صديقك
بالرجوع عما هو فيه؛
- لا تكتب أكثر من اثني عشر سطرا؛
- تجنب ارتكاب
الأخطاء بكل أنواعها؛
- وظف علامات الترقيم المناسبة؛
- اكتب بخط
واضح.
إرسال تعليق